للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أعود فأقول: كيف لم يطلع على تلك الأحاديث أو على واحد منها، وقد اطلع أو سمع الحديث الذي استدل به؟ أو أنه اطلع عليها كلها ولكنه اختار هذا الحديث لأنه وافق ما عنده أو وافق مألوفه ففرح به؟.

وهنا مسألة هامة جدا أستحسن أن أذكرها له ولأمثاله لعل الله ينفعه بمعرفتها وهي: أن من عمل بنص من الكتاب أو من السنة لكونه وافق هواه، فلا يعد عاملا بذلك النص وإنما عمل بهواه بدليل أنه يسهل عليه مخالفته أو مخالفة نص أخر إذا خالف هواه فهو متبع لهواه في كلتا الحالتين، ليس متبعا للنص كما ترى، وأخشى أن يكون ما نحن بصدده من هذا القبيل والله المستعان.

هذه قاعدة عامة ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية في بعض كتبه فعليك بها، ثم هناك بعض تلك الأحاديث التي نهى فيها رسول الله عليه الصلاة والسلام عن الحلف بغير الله:

(١) عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت" رواه مالك والبخاري ومسلم وأصحاب السنن.

(٢) عن أبن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رجلا يقول لا والكعبة فقال ابن عمر، لا تحلف بغير الله فإني سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول: "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك" رواه الترمذي وحسنه وقواه ابن حبان وصححه ورواه الحاكم فقال صحيح على شرط الشيخين وفي رواية الحاكم: سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول: "كل يمين يحلف بدون الله شرك".

(٣) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "لأن أحلف بالله كاذبا أحب إلي من أن أحلف بغير الله صادقا"رواه الطبراني موقوفا وقال المنذري رواته رواة الصحيح.

وقال بعض آهل العلم تعليقا على هذا الأثر، وذلك لأن الحلف بغير الله كفر أو شرك كما صرح به الحديث السابق، والحلف بالله وهو كاذب معصية ولها كفارة، وبين الأمرين فرق كما ترى.