(٤) وعن بريدة رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: "من حلف بالأمانة فليس منا" رواه أبو داود.
وهذه الأحاديث كما ترى صريحة الدلالة في عدم جواز القسم بغير الله، وأما حديث ابن عمر فصريح الدلالة على أن القسم بغير الله شرك.
ولتكون الفائدة أكمل أفيدكم بأن الحلف بغير الله من أنواع الشرك الأصغر الذي لا يخرج مرتكبه عن الملة إلا بضميمة معان أخرى، ويطلق عليه أهل العلم والفقه في الدين شرك دون شرك كما يقال كفر دون كفر وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق.. ومعرفة هذه الأمور بالتفاصيل المذكورة في مواضعها مع أمثلتها أمر له أهميته ومن لم يعرف ذلك يغلب عليه التخبط والاضطراب كما رأيت.
والنوع الثاني: الشرك الأكبر الذي يخرج مرتكبه عن ملة الإسلام، وحقيقته، صرف نوع من أنواع العبادة لغير الله تعالى أو بعبارة أخرى اتخاذ غير الله نداً ومعبوداً مع الله، لأن هذا التصرف يتنافى وكلمة التوحيد (لا إله إلا الله) كما لا يخفى على طالب علم.
ومن أنواع العبادة الاستغاثة وهي دعاء المضطر والذبح لغير الله تقربا ومن ذلك التشريع من التحريم والتحليل كما تقدم، وأرجو أن تعتبر هذه القطعة ملحقا للهدية وبالله التوفيق.
والبحث معروف في موضعه لدى طلاب العلم، وهو باب هام جدا ومع ذلك قد يخفى على كثير من المنتسبين إلى العلم والله المستعان.
وأما الحديث الذي فهم الشطي منه أن الرسول حلف بغير الله وحاشاه وهو الذي نهى عنه كما علمت، فالحديث في صحيح مسلم، وقد استشكل أهل العلم معناه ومراده، وموقفهم من مثل هذه النصوص التي ظاهرها التعارض أن يوفقوا بينها بما لديهم من الفقه في الدين، بالطريقة المعروفة عندهم في مادة (أصول الحديث) .
فالحديث الذي نحن بصدده صحيح، والأحاديث التي خالفها صحيحة أيضا، فكيف التوفيق بينها وبينه؟!!.