للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما طاعة الله والرسول صلى الله عليه وسلم فإنها شعار الجماعة المؤمنة التي لا يمكن أن تتخلى عنه، أو تعيش بدونه، إذ منه تستمد نظامها وقوتها، وكامل مقوماتها في الحياة. إن الجماعة المؤمنة بدون الطاعة الكاملة لله ورسوله لا يمكن أن تكون شيئاً في الوجود، أو تحقق لها خيراً ما في الحياة. ولعل هذا هو السر في الأمر بها في هذا المقام بعد الأمر بالتقوى، والطاعة لله والرسول بعد الأمر بالتقوى مشعراً بأهمية الطاعة للجماعة المؤمنة، ومهيجاً لها على الاستعداد وتوطين النفس عليها لتؤديها كاملة في المنشط والمكره، والعسر واليسر.

وأخيراً قوله: {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} فإن هذه الجملة الشرطية ذات مدلول خاص في هذا السياق من الكلام، فإنه يؤتى بها بعد الأمر أو النهي للتهييج على الطاعة والحمل المؤكد على الامتثال، لأن الإيمان هو الطاقة المحركة للمؤمن، والإرادة الموجهة له، فبدون الإيمان لا يتأتى للعبد أن يطيع ويخلص، أو يعمل ويصدق بحال من الأحوال، حتى صار في عرف قانون الإيمان لا يعرف إيمان حقيقي بلا عمل صالح، ولا عمل صالح بلا إيمان.

ومن هنا حسن أن تذكر هذه الجملة بعد الأمر بالتقوى، وإصلاح ذات البين، وطاعة الله والرسول، تذكيراً بالإيمان، وتهييجاً للنفوس على العمل، وتهديداً لها بسلب الإيمان الذي هو خاصيتها وأغلى ما تملك، إذا هو لم يوجد له أثره في الطاعة والسلوك.

ولذا يقدر جواب هذا الشرط محذوفاً استغني عن ذكره بذكر ما سيقت لتأكيده من امتثال الأمر، والتسليم بالطاعة. والتقدير: إن كنتم مؤمنين فاتقوا الله، وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله.