للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعنى كونها جزءاً من ستة وأربعين جزءاً: أن مدة الوحي كانت ثلاثاً وعشرين سنة منها نصف سنة أي ستة أشهر كان الوحي فيها مناما يراه الرسول صلى الله عليه وسلم فلا يرى رؤيا إلا جاءت كفلق الصبح، وإذا قسمنا الثلاثة والعشرين سنة أنصافاً كانت ستة وأربعين نصفاً، وهو الجزء المعبر عنه في الحديث، ولما كان الوحي قد بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الأول كما قال: "شهر ولدت فيه وبعثت فيه" يعني ربيع الأول فإن شهر رمضان هو الشهر السابع من أشهر الوحي الستة، وعليه فبداية نزول الوحي يقظة لا مناماً كانت في رمضان ومن ثم كان المراد من قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} أَنها ليلة القدر لا ليلة النصف من شعبان؟ إذ القرآن بدأ قوله في رمضان بدليل قوله تعالى {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} الآية....

ومعنى مباركة: أنّ الله تعالى جعل فيها خيراً كثيراً وأثبته لها وأدامه عليها فلا تزال كذلك أبداً، وبذلك كانت خيراً من ألف شهر، فالعبادة فيها تعدل العبادة في غيرها بنسبة ألف إلى واحد فلذا يطلب الصالحون إحياءها بالعبادة، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم "التمسوها في الوتر من العشر الأواخر من رمضان" وحسب هذه الليلة شرفاً وخيراً وبركة أن الله تعالى ابتدأ فيها نزول كتابه المبارك فقال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} .

وجملة {إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ} ذكرها تعالى علة لإنزاله الكتاب المبين فلو قال قائل: لِمَ أَنْزَلْتَ يا ربّ هذا الكتاب. لكان الجواب: لأنذر به بواسطة عبدنا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم عبادنا المقيمين على الشرك بالله تعالى والمعاصي عاقبة شركهم وعصيانهم، إذ عذاب الآخرة مرتّب على الشرك بالله تعالى والفسق عن طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم.