وفي الأسطر التالية سأذكر لمحة عن حياته وصوراً من الخواطر والذكريات عنه وفاء بحق ذلك الرجل الذي كان لدينه ووطنه وأمته.
لمحة عابرة عن حياته: ولد رحمه الله عام ١٣٠٥ في دمشق الشام من أسرة عريقة أصيلة النسب هاشمية تعود أصولها إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وكان أبوه وجده عالمين جليلين وعنهما أخذ معلوماته الأولى، وبدأ تعليمه الأولى في دمشق وأتمه في بيروت، وأما شيخه الذي كان يجله كثيراً أو يذكره بخير دائماً فهو المرحوم الشيخ طاهر الجزائري وكان يقول رحمه الله:"منه تعلمت عروبتي وإسلامي"، وقد مدحه بقصيدة جميلة في شبابه لا يتسع المجال لذكرها، ثم سافر رحمه الله إلى استانبول والتحق هناك بكليتي الحقوق والآداب وفي تلك الأثناء التقى بمجموعة من المثقفين العرب الذين كانوا يدرسون في استانبول ورأى منهم انهيارا في شخصيتهم وذوباناً في غيرهم وتزلفاً إلى غير العربية والعرب, فأسس جمعية النهضة العربية، لتذكر العرب بأصالتهم وبدورهم القيادي في حياة البشرية.
وبعد إتمام دراسته هناك عاد إلى دمشق ولكن لم يطلب له المقام فيها من جراء مضايقات بعض الجهات المسؤولة فسافر إلى بيروت ومنها إلى استانبول ثم قصد أخيراً إلى القاهرة، وحينما تأزمت الأوضاع في الجزيرة العربية وفي بلاد الشام وقامت الثورة العربية الكبرى التحق بها محب الدين وأشرف على تحرير جريدة القبلة التي كان يصدرها الشريف حسين، ولكن سرعان ما تبيّن حقيقة الشريف حسين أنه لم يكن يريد ثورة إصلاحية مسلمة شاملة وإنما قام بثورته للحفاظ على منصبه وطمعاً في منصب أعلى تخلى عنه، وكان يقول:"إن الشريف حسين وأولاده يريدون الأوطان مزارع للملوك".