وقال عليه الصلاة والسلام:"إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل أنه كان الرجل يلقى الرجل فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض"[٢] .
ونظرة إلى المجتمع الإسلامي الأول تريك كيف كان يعالج الأخطاء ويتعامل مع المخطئين.
إن هذا المجتمع مع ما كان يتسم به من طهر واستقامة. وعفاف وتقوى كانت تظهر فيه لبعض الأفراد بوادر وسقطات، كما هو شأن البشر دائما، والعصمة للأنبياء.
فكيف كان يقابل مثل هذه الأمور، وما الذي كان يشعر به المقصرون ومرتكبو بعض الأخطاء؟
إن المخطئ كان يرى نفسه غريبا بين إخوانه لا يطيب له مقام بينهم حتى يبدأ يبرأ من علته.
أما المجتمع فكان يقظا يرقب الأخطاء، ويلاحق أصحابها باللوم والتثريب حتى لا تتسع دائرة الشرور.
وإليك هذه الصورة من حديث كعب بن مالك أحد الثلاثة الذين تخلفوا بدون عذر عن الاشتراك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوكِ قال:"ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا نحن الثلاثة من بين من تخلف عنه، فاجتنبنا الناس حتى تنكرت لي في نفس الأرض فما هي بالتي أعرف، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة وكنت أخرج فأشهد الصلاة مع المسلمين وأطوف في الأسواق ولا يكلمني أحد، وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه في مجلسه بعد الصلاة فأقول في نفسي: هل حرك شفتيه برد السلام علي أم لا؟ ... حتى إذا مضت أربعون ليلة من الخمسين إذا برسول رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتني يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل أمرأتك فقلت: أطلقها أم ماذا أفعل؟ قال: لا، بل أعتزلها ولا تقربها وأرسل إلى صاحبي مثل ذلك. فقلت لامرأتي: ألحقي بأهلك فتكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر"[٣] .