قارن بين هذه الصورة لبعض صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الأجلاء، وانظر كيف وقف منهم المجتمع في عصرهم- وهم من هم في مكانتهم وتقواهم.
ألا يستحق من ينشرون بذور الشر والتحلل في المجتمع الإسلامي من وقفة تظهر الغيرة على محارم الله ضد هؤلاء الساقطين.؟
وقد نبه على ذلك الحسن البصري فيما أخرجه عنه ابن أبي حاتم قال:"يا سبحان الله هؤلاء الثلاثة - يقصد المخلفين - ما أكلوا حراماً، ولا سفكوا دماً حراماً، ولا أفسدوا في الأرض، أصابهم ما سمعتم وضاقت عليهم الأرض بما رحبت فكيف بمن يواقع الفواحش الكبار "[٤] .
هذا وقد بحث الفقهاء موضوع السلام على العاصي والمبتدع، وأجازوا ترك السلام على مقارف الذنب، وترك رده عليه تأديبا له وعلاجاً، حتى إذا أحس هو ومثله باحتقار المجتمع المسلم لمساويهم، وعدم الرضا عن أفعالهم ثابوا إلى رشدهم. ودخلوا في زمرة الراشدين ...
من ذلك ما ذهب إليه ابن تيمية من مشروعية الهجر للمخطئ وإن كان من أهل الفضل في جوانب أخرى [٥] .
وكان إبراهيم بن المنذر الحزامي من ثقات العلماء، روى عنه البخاري وابن ماجة وروى له الترمذي والنسائي بواسطة، لكنه أثناء محنة خلق القرآن لأن وخلط فذمه الإمام أحمد ولم يرد عليه السلام.. [٦] .
كما تحدث البخاري في أكثر من مكان من صحيحه في هذا الموضوع فكان مما جاء فيه (باب.. هل للإمام أن يمنع المجرمين وأهل المعصية من الكلام معه والزيارة ونحوه)[٧] ثم أورد حديث الثلاثة الذين خلفوا كدليل على الجواز. وجاء أيضا (باب ما يجوز من الهجران لمن عصى)[٨] وأورد حديث الثلاثة أيضا كما فصل ابن حجر الحديث في هذا الموضوع في (فتح الباري) فكان مما قال: "وفيه ترك السلام على من أذنب، وجواز هجره أكثر من ثلاث. وأما النهي من الهجر فوق ثلاث فمحمول على من لم يكن هجرانه شرعيا"[٩] .