وقال: قال المهلب - أحد شراح البخاري - ترك السلام على أهل المعصية سنة ماضية، وبه قال كثير من أهل العلم في أهل البدع، وخالف في ذلك جماعة، وألحق بعض الحنفية بأهل المعاصي من يتعاطى خوارم المروءة ككثرة المزاح واللهو، وفحش القول، والجلوس في الأسواق لرؤية من يمر من النساء ونحو ذلك. وحكى ابن رشد قال: قال مالك: "لا يسلم على أهل الأهواء"، قال ابن دقيق العيد:"ويكون ذلك على سبيل التأديب لهم والتبري منهم.."وقال النووي: "وأما المبتدع ومن اقترف ذنبا عظيما ولم يتب منه فلا يسلم عليهم، ولا يرد عليهم السلام، كما قال جماعة من أهل العلم"، واحتج البخاري لذلك بقصة كعب بن مالك، قال:"وهو مما يخص به عموم الأمر بإفشاء السلام عند الجمهور"[١٠]
لكن ينبغي أن يتناول موضوع الهجر هذا من قبل المسلمين بحكمة وفقه، حتى لا تحدث ردود فعل عكسية، ويتولد من التطرف في الفهم وسوء المعاملة ما يسيئ أكثر مما يحسن..
قال ابن حجر: قال المهلب "غرض البخاري في هذا الباب أن يبين صفة الهجران، وأنه يتنوع بقدر الجرم، فمن كان من أهل العصيان يستحق الهجران بترك المكالمة كما في قصة كعب بن مالك وصاحبيه، وما كان من المغاضبة بين الأهل والإخوان فيجوز الهجر فيه بترك التسمية مثلا، أو بترك بسط الوجه مع عدم هجر السلام والكلام"[١١]
أجل.. نحن بحاجة إلى حكمة ولباقة في معاملة المذنبين.