فبدل الشتم والتجريح يكون القول الحسن، والوعظ الهادئ الجميل قال سبحانه {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً}(سورة البقرة آية ٨٣) وقال: {وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً}(النساء آية ٦٣) . وقال:{وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}(الإسراء آية ٣٣) وبدل الحماسة والاندفاع وتجاهل طبيعة المخطئ مما قد يولد في نفسه عزة بالإثم.. بدل هذا تكون الدعوة الودود، والتوجيه المتأني. ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة وقدوة. فمع شدة بغضه للمعصية، لكنه كان يعالج الأمور بحكمة فائقة، فإذا المخطئ أسير حب رسول الله ووده.
روى الإمام أحمد عن أبي أمامة رضي الله عنه "أن غلاماً شاباً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله: أتأذن لي في الزنا؟ فأقبل القوم عليه فزجروه وقالوا: مه، مه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم، "إدنه". فدنا منه قريبا، قال: فجلس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أتحبه لأمك؟ "قال: لا والله جعلني الله فداك، قال: "ولا الناس يحبونه لأمهاتهم". قال: "أتحبه لابنتك؟ "قال: لا والله يا رسول الله جعلني الله فداك.. قال: "ولا الناس يحبونه لبناتهم"قال: "أتحبه لأختك؟ "قال: لا والله جعلني الله فداك.. قال: "ولا الناس يحبونه لأخواتهم". ثم ذكر العمة والخالة وهو يقول لا كل واحدة: لا والله جعلني الله فداك. قال: فوضع رسوله الله صلى الله عليه وسلم يده عليه وقال: "اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصن فرجه"، فلم يكن بعد ... ذلك الفتى يلتفت إلى شيء"[١٢] .
ومر أبو الدرداء على رجل أصاب ذنباًْ، والناس يسبونه، فقال لهم:"أرأيتم لو كان في بئر أكنتم مستخرجيه؟.قالوا: نعم. قال: فاستغفروا لأخيكم. واحمدوا الله الذي عافاكم. فقالوا: أفلا تبغضه؟ قال: إنما أبغض عمله، فإذا تركه فهو أخي"[١٣] .