ثم انصرف بعد ما تحقق غروب الشمس عن يسار طريق المأزمين وصلى المغرب والعشاء بمزدلفة بأذان واحد وإقامتين، ولما طلع الفجر صلى الصبح، ثم ركب راحلته ووقف بمزدلفة حتى قرب طلوع الشمس. وأردف الفضل بن عباس من مزدلفة إلى منى ثم سار حتى رمى جمرة العقبة يوم النحر على ناقته ولا ضرب ولا طرد ولا إليك إليك، ثم نحر هديه وقال نحرت هنا ومنى وفجاج مكة كلها منحر. ونحر بيده ثلاثاً وستين بدنة ثم حلق، ثم أفاض إلى مكة، فطاف وأتى زمزم فأمر بدلو فشرب وصب على رأسه وقال: لولا أن تغلبوا لنزعت معكم. وكان يرمي الجمار أيام التشريق بعد ما تزول الشمس ماشياً على قدميه وخطب في حجته ثلاث خطب، الأولى يوم التروية بعد الظهر بمكة، والثانية بعرفة يوم زالت الشمس. والثالثة يوم النحر بمنى. بعد الظهر على راحلته.
فلما انتهت أيام منى قال: نحن نازلون غداً إن شاء الله في ضيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر يعني المحصب لقصد إظهار شعائر الإسلام في المكان الذي أظهروا فيه شعائر الكفر فنزل في المحصب وصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ورقد رقدة خفيفة، ثم نهض وطاف بالبيت طواف الوداع ليلاً، ثم خرج من أسفل مكة إلى المدينة. ولأن الحج أعظم مؤتمر إسلامي يجتمع فيه المسلمون من مشارق الأرض ومغاربها وهو ركن من أركان الإسلام أحببت أن أبين لإخواني صفة حجه صلى الله عليه وسلم بصفة مختصرة موجزة. وأرجو الله أَن تكون خالصة لوجهه الكريم وأن ينفع بها من قرأها أو سمعها وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم: والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
٢- في فضل الزكاة
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. أما بعد.