للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتعاليم الإسلام أصبحت غريبة غير مألوفة في المجتمعات الإسلامية وأصبح التدين رجعية. والقابض على دينه كالقابض على الجمر. وفقدت التربية الإسلامية، وانعدمت الرحمة من القلوب. فلا شفقة لصغير، ولا تقدير لكبير، واختلت الموازين. وأصبح الأمر فوضى، واستخفت الناس بشعائر الله، وأصبح المعروف منكرا والمنكر معروفاً، وسيطرت الأنانية وانعدم الإيثار أو كاد. وضلّ الناس طريقهم، فمنهم من ظالم يظن أنه عادل، ومسيء يظن أنه محسن. وجاهل يظن أنه عالم، وغبي يظن أنه فاهم، وضنين بنعم الله عليه يظنّ أنه من المزكين، وسار الناس حياتهم في إطار من البغض والكراهية والتمزق، ووهنت الروابط وكادت تنعدم الإنسانية.

وعاد الناس في أزمة ضمير، وساعد على ذلك الأفكار المستوردة، وسموم الاستعمار حتى طفح الكَيل، وحاربت مع الأسف الدولة المسلمة شقيقتها. وكان ضياع آلاف الأرواح والخسائر المتعددة الأشكال والأنواع. وتحقق قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} .

فذل المسلمون بعد عز. وضعفوا بعد قوة، وأصبحوا فرقاً وأحزاباً بعد أن كانوا أمة واحدة قوية فتية لها وضعها ومكانتها في المجتمع الدوليّ.

ولن يلتئم الجرح النازف في الصف الإسلامي، ولن يعود للإسلام مجده وحيويته، ولن تعود للمسلمين قوتهم ومنعتهم إلا إذا فهموا دينهم كما فهمه السابقون من أتباع الرسول صلى الله عليه وسلم عبادة ومعاملة ومنهجا وسلوكا يسيرون على أضوائه في محيط حياتهم. وفي جميع شئونهم الخاصة والعامة لا يجدون في أنفسهم حرجاً من تنفيذ أحكامه.

وصدق قول الإمام مالك رضي الله عنه إمام دار الهجرة (لا صلاح لهذه الأمة إلا بما صلح به أولها) .