ولما امتلأ وطابه وطال في العلم باعه، ورسخت في المعرفة قدمه عاد إلى بلاده النجدية، وقد عرف أحوال المسلمين، وعرف ما هم عليه من شرك وضلال وجهالات جهلاء وغايات دهماء وأيقن أنه لا دواء ولا شفاء إلا بالعلم والعمل. العلم بشرع الله تعالى والعمل به. فوطن نفسه لذلك واستعان بالله تعالى وبدأ دعوته.
كماله العلمي:
إن آية كمال علم المرء ورسوخه فيه هو ما يتحلى به من صفات الكمال النفسي وما يقوم به من دعوة وعمل ومن هنا كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب على درجة من الكمال العلمي لا تدانى ولنستمع إلى الشهادة التالية: قال بعض من ترجم له: كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى علما من الأعلام ناصرا للسنة مانعا للبدعة، خبيرا مطلعا، إماما في التفسير والحديث والفقه وأَصوله وعلوم الآلة كالنحو والصرف والبيان، عارفا بأصول عقائد الإسلام وفروعها، كشافا للمشكلات حلالا للمعضلات، فصيح اللسان قوي الحجة، مقتدرا على إبراز الأدلة وواضح البراهين بأبلغ عبارة وأَبينها، تلوح على محياه علامات الصلاح، وحسن السيرة وصفاء السريرة، يحب العباد ويغدق عليهم من كرمه ويصلحهم ببره وإحسانه ويخلص لله في النصح والإرشاد، كثير الاشتغال بالذكر والعبادة. قلما يفتر لسانه عن ذكر الله.