للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودحض حجتهم هذه أن القرآن الكريم هو الحجة في فصاحة اللغة وبلاغتها ولكن لاشك أنه لم يستوعب كل كلماتها، كما أنه لم يستعمل كل كلمة في معانيها اللغوية فإذا ترك كلمة ما لا يكون دليلا على عدم فصاحتها وكذلك إذا استعمل كلمة في معنى وترك بعض المعاني الأخرى لا يكون دليلا على حظر المعاني الأخرى ولقد جاء الفعل الثلاثي المجرد من هذه المادة في لغة العرب بمعاني غير القطع والقتل والذي يعنيني استعمال الثلاثي المجرد بمعنى الشعور وما يتصل به من العطف والتوجع قال الشاعر الجاهلي السفاح بن خالد التغلبي [٢] .

ولا حَسُّوا بنا حتى اعتلينا

فَلَبَّيْتُ الصريخَ ولم يَرونا

فالمعنى فيه ولا شعروا بوجودنا حتى هجمنا عليهم، ومن ذلك قول الكميت بن زيد الأسدي

أو يبكى الدار ماء العبرة الخضل

هل من بكى الدار راجٍ أن تحس له

فالفعل تحس بفتح التاء مضارع من الفعل الثلاثي المجرد فإذا فسرناه بمعنى ترق له وتعطف عليه فهو من معاني الشعور.

وأيضا حديث قتادة كما في اللسان [٣] "إن المؤمن ليحسّ للمنافق " أي يعطف عليه أو يتوجع له فبان بذلك ضعف الرأي الآخر الذي أنكر الثلاثي من هذه المادة وأن استعمال المصدر الذي هو الحس من الثلاثي والمصدر من المزيد هو الإحساس ويدل كذلك على أن كثيرا من الأفعال العربية يأتي الثلاثي المجرد والثلاثي المزيد بالألف بمعنى واحد أي أن فعل وأفعل بمعنى واحد وهو ما يقول به كثير من العلماء وأمثال الزجاج في كتاب فعلت وأفعلت ولذا كان قول ثعلب في كتاب الفصيح "والعامة تقول: حسست الشيء في أحسست وهو خطأ "دعوى من غير دليل.

أثمر:

وفي شفاء الغليل ص ٢١ أثمر يكون لازما وهو المشهور الوارد في الكتاب العزيز ولم يتعرض أكثر أهل اللغة لغيره: وورد متعديا كما في قول الأزهري في تهذيبه يثمر ثمرا فيه حموضه، وكذا استعمله كثير من الفصحاء كقول ابن المعتز: