وليس أدل على ذلك أيضاً من أن لغة الكتاب قد اتسع نطاق درسها وانتشر التعامل بها على كافة المستويات حتى دوت في الآفاق كلمات هذا اللسان العربي المبين..
ثم ليس أدل على ذلك أيضا من أن الأدب العربي الإسلامي لم تنطفئ جذوته بعد أربعة عشر قرناً من الزمان، وسيظل أبدا بإذن الله يهتف بالإسلام ويمسك بمبادئه. ويذكر المسلمين بتاريخ أسلافهم حتى يكونوا دائماً خير خلف لخير سلف.
أجل.. ما زلنا بعد هذه القرون المتعاقبة نرى أدب الدعوة الإسلامية بيننا يعلو نداؤه وتتردد أصداؤه ليملأ الأسماع والأبصار، فتخفق له القلوب، وتستجيب له النفوس، وهو يصل حاضرها بماضيها التليد.
وإذا كانت الأمثلة كثيرة في عصرنا الحديث، تلك التي تؤكد أن أدب الدعوة الإسلامية إلى وقتنا هذا لم يمت ولن يموت ما بقيت رسالة الإسلام ودعوتها فإن المثل الذي بين أيدينا جدير بالإشادة والتقدير لأنه يبعث على الأمل ويؤكد أن نور الله لا يمكن أبداً أن ينطفئ من القلوب..
إنه ديوان (مجد الإسلام) للشاعر المسلم أحمد محرم، الذي شاء الله لمؤلفه أن ينظمه ليستعيد شباب الأمة أمجاد أسلافهم ثم ليكونوا امتداداً من بعد لأولئكم السالفين.
أما عن أحمد محرم فقد ولد في القاهرة سنة سبع وسبعين وثمانمائة وألف ميلادية ونشأ منذ البداية نشأة عربية أزهرية، وبرز في الشعر منذ صباه حتى أنه نال شهادة الامتياز بين "شعراء النيل "من لجنة التحكيم التي تولت أمر النظر في القصائد المقترحة على كبار الشعراء فيما كان يسمى عيد جلوس الخديوي سنة عشر وتسعمائة وألف (ميلادية) ونال عدة جوائز في مسابقات شعرية ونثرية أخرى اقترحتها الصحف والمجلات في فنون شتى وموضوعات مختلفة من سياسة الممالك وتربية الأمم، وما تصدى كاتب ولا أديب لتعيين طبقات الشعراء إلا عرف له مكانه ووضعه في الصف الأول [١] .