للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما دام المؤرخون- في نظر الكاتب- قد قصدوا في جانب التاريخ الإسلامي ولم يعطوه حقه من التصحيح والإنصاف، فإن (ما قصّر فيه) المؤرخون لا يستطيع أن يستدركه إلا الشعراء.

وكان هذا الخطاب هو الشرارة التي أججت شعلة الحماس في نفس الشاعر أحمد محرم.. فإذا به يقدم على ديوانه يعرض فيه خلاصة نقية للتاريخ الإسلامي في قالب شعري، مكتمل الفن، واضح الأداء، قوي التعبير، حتى يلفت شباب الإسلام إلى مفاخر تاريخهم وعظمة آبائهم وأسلافهم، ويدفع عنهم عقدة النقص التي جعلتهم ينظرون إلى آثار الأمم الأخرى كما ينظر الأقزام إلى العمالقة.

وحشد أحمد محرم كل طاقاته الفنية، وعكف على التاريخ الإسلامي يستخلص حقائقه، ويستوعب مفاخره، ويسجلها فناً عالميا عاليا يسنده الواقع وتؤكده حقائق التاريخ ... [٣]

وكان أول ما بدأ به أحمد محرم في ديوانه الذي بلغت قصائده تسعاً وستين ومائة قصيدة كلها في تاريخ الإسلام والمسلمين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكانت أولى القصائد تحت عنوان: (مطلع النور الأول من أفق الدعوة الإسلامية) ، وفيها يقول الشاعر:

وأغمر الناس حكمة والدهورا

املأ الأرض يا محمد نورا

يكشف الحجب كلها والستورا

حجبتك الغيوب سرا تجلى

فتدفق عليه حتى يغورا [٤]

عب سيل الفساد في كل واد

ويستمر الشاعر في قصيدته إلى أن يقول:

غيرت كل كائن تغييرا

أنت أنشأت للنفوس حياة

نابه الذكر في العصور شهيرا

أنجب الدهر في ظلالك عصرا

ثم يقول مبينا كيف كان العالم قبل مبعثه صلى الله عليه وسلم حتى جاء دين الله:

يحسبون الحياة إفكا وزورا

أنكر الناس ربهم وتولوا

جعلوا البغي شرعة والفجورا؟

أين من شرعة الحياة أناس

فع مثقال ذرة أو تضيرا؟

تلك أربابهم: أتملك أن تشـ

باب ما كان عاجزا مقهورا