للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسوف يأتي الكلام عليه بالتفصيل لتجلية هذه الحقيقة ولتوضيح هذا البيان الذي أنا بصدده وهو: كيف وقعت الأمة المجيدة بعد تكميل الشريعة الغراء في هذا الوادي الكفري الإلحادي على يد هؤلاء المارقين الفسقة من الجعديين الجهميين الواصليين والعبيديين من أهل الاعتزال ونفاة الصفات بعد أن أتم الله تعالى هذه النعمة الكبرى على رسوله صلى الله عليه وسلم ورضي بها عليهم جميعاً.

لله عليَّ أن لا أشرب خمراً..

. قيل: إنه كان للإمام أبو حنيفة النعمان رحمه الله، جار إسكافي بالكوفة، يسكر كل ليلة وينشد:

ليوم كريهة وسداد ثغر

أضاعوني وأي فتى أضاعوا

ولا يزال يشرب، ويردد البيت، إلى أن يغلبه السكر وينام..

وكان الإمام يصلي الليل، ويسمع حديثه وإنشاده، ففقد صوته بعض الليالي، فسأل عنه فقيل: أخذه العسس منذ يومين، وهو في السجن.

فصلى الإمام الفجر، وركب دابته، ومشى واستأذن على الأمير، فأذن له، فلما دخل عليه، أجلسه مكانه، وقال، ما حاجة الإمام؟

فقال: لي جار إسكافي، أخذه العسس، فتأمر بتخليته.

قال الأمير: نعم، وكل من أخذ تلك الليلة، ثم أمر بتخليته وتخليتهم أجمعين، فركب الإمام، وتبعه جاره الإسكافي، فلما وصل إلى داره، قال له الإمام: أترانا أضعناك؟

قال: لا، بل حفظت ورعيت، جزاك الله خيرا، ولله علي أن لا أشرب خمرا بعد اليوم..

فتاب من يومه، ولم يعد إلى ما كان عليه ...


[١] ميزان الاعتدال ٣/٢٨٠.
[٢] البداية والنهاية (١٠/٧٨-٨٠) .
[٣] المجروحين (٢/٦٩) .
[٤] البداية والنهاية (١٠/٧٩) .
[٥] التاريخ الكبير (٦/٣٥٢-٣٥٣) .
[٦] تاريخ بغداد: (١٢/١٦٦-١٨٨) .
[٧] حلية الأولياء: (٨/٢٤٤) .
[٨] الحلية: (٩/٢٤٩) .
[٩] المسند: (١/٣٨٢) .