عندهم الإيمان التجرد من الدنيا وعلائقها، وتفريغ القلب منها والزهد فيها، فإذا رأوا رجلاً هكذا جعلوه من سادات أهل الإيمان. وإن كان منسلخا من الإيمان علماً وعملاً.
وأعلى من هؤلاء من جعل الإيمان هو مجرد العلم وإن لم يقارنه عمل، وكل هؤلاء لم يعرفوا حقيقة الإيمان، ولا قاموا به، ولا قام بهم وهم أنواع: منهم من جعل الإيمان ما لا يعتبر في الإيمان، ومنهم من جعله ما هو شرط فيه ولا يكفي في حصوله، ومنهم من اشترط في ثبوته ما يناقضه ويضاده، ومنهم من اشترط فيه ما ليس منه بوجه.
والإيمان وراء ذلك كله، وهو حقيقة مركبة من: عرفة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم علماً، والتصديق به عقداً، والإقرار به نطقاً، والانقياد له محبة وخضوعاً، والعمل به باطناً وظاهرا، وتنفيذه، والدعوة إليه بحسب الإمكان، وكماله في الحب في الله، والبغض في الله، والمنع لله، وأن يكون الله وحده إلهه ومعبوده، والطريق إليه تجريد متابعة رسوله ظاهرا وباطناً، وتغميض عين القلب عن الالتفات إلى سوى الله ورسوله، وبالله التوفيق.