سؤال عجيب! رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يسأل عن شهر ذي الحجة؟ وما عرف الصحابة ما يقولون، أيقولون (ذو الحجة) ؟ وهو يعرف ذلك! ولذا ما كان جوابهم إلا أن قالوا:"الله ورسوله أعلم".
وانتظروا جميعا الاسم الجديد الذي سيطلق على هذا الشهر، وعبر الراوي عن ذلك بقوله:"فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير أسمه". ثم قال:"أليس ذا الحجة؟ "قلنا: "بلى".
ويكرر هذه السبيل في السؤال "أي بلد هذا؟ أي يوم هذا؟ " وهم ينتظرون بعد كل سؤال الاسم الجديد للبلد الحرام وليوم النحر، وليس هناك اسم جديد. وإنما كان ذلك ليجعلهم متهيئين ليسمعوا أحكاما عامة، أحكام المودع، أحكام تشمل حياتهم كلها، ويحرم عليهم ويحل لهم فيقول:
"فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا".
وهنا يبدو الهدف المقصود من السؤال عن الشهر والبلد واليوم، وذلك لأن حرمتها متقررة في النفوس، ثابتة عندهم لاشك فيها ولا ريب، فيعيد إلى الذاكرة حرمتها ليبني عليها حرمة الدماء والأموال والأعراض.. فستقترن هذه الثلاث بتلك، وتكون ثابتة كثبوت الأولى، متقررة كتقررها.
فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعطينا مفتاح القلوب، وصمام النفوس بالسؤال، فإذا فتح القلب وتحفزت النفس للسماع، أعطى الجواب، ومنح المراد، ليستقر فيندفع صاحبها إلى العمل.
فصلوات الله عليك وسلامه يا رسول الله! ماذا أقول؟ ألا أنك نبي الله بعثت للعالمين رحمة، وكنت بالمؤمنين رؤوفا رحيما.
فيا ليتنا نتأسى بك، ونهتدي بهديك في الدعوة والتعليمِِِِِِِِِِِِِِِِ
من مثل محمد؟
لم يتفرد محمد صلى الله عليه وسلم بأنه يمثل الكمال الإنساني المطلق من جميع نواحيه فحسب، بل هو يمثل النجاح المعجز في تربية النماذج الإنسانية الكاملة من الأفراد، والأمة الإنسانية الكاملة من بين الشعوب، فمن مثل محمد صلوات الله وسلامه عليه؟