للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بأعمال آخر ... وهنا تتساءل النفوس وكيف يعد من خلط في عمله مفلسا؟ هل يا ترى أي الأعمال السيئة تبطل الأعمال الصالحة؟! فيأتي الجواب بأن الأعمال الصالحة والأعمال السيئة إنما يجري يوم القيامة بينهما القصاص، فأيهما غلب حكم به على صاحبه، وتستكمل الصورة في نفوس السامعين ويعرفون أن المفلس: (هو الذي غلبت أعماله السيئة أعماله الصالحة مما أدى إلى معاقبته بجهنم) ، فإذاً تنتهي الصورة – صورة المفلس – بالألم، ألم النار، مما يدفع السامع عن كل ما يجعله من المفلسين، وسيحاول أن يكون دائما من الغانمين الرابحين.

بهذا الأسلوب الرائع البديع وصل النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - إلى هذه النتيجة التي يريد، وذا رأينا أعمال الصحابة توضح لنا صدق هذه النتيجة وأنهم كانوا أبعد ما يكون عن أعمال المفلس.

فياليتنا نسلك هذه السبيل ونتبعها في الدعوة إلى كل ما نبغيه.

وليس هذا هو المثل الوحيد في حياة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في دعوته، وإنما هناك أمثلة كثيرة أذكر منها على سبيل التعيين لا الحصر:

- حديث أبي بكرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثا".

يعيد السؤال ثلاث مرات، لتكون الإثارة أتم وأكمل، وتتنبه النفوس عن كل ما يشغلها، وتتهيأ لتلقى معرفة أكبر الكبائر فيقول: "الإشراك بالله، وعقوق الوالدين"هاتان الكبيرتان اللتان يعرفهما كل مسلم لإشارة القرآن إليهما، وبعدئذ يغير أسلوب الكلام فيقول: "ألا وشهادة الزور"ولم يكتف بذلك فيكررها "وقول الزور"ثم يشرك في التنبيه السمع مع البصر "وكان متكئا فجلس". كل ذلك لتكون النفوس متقبلة آخذه بنهم وإقبال لما تسمع فتكون النتيجة التأثير العمل المطلوب، إذ كلما كان الكلام مؤثرا في النفس كان أكثر دفعا للتطبيق.

وكذا الحديث الوارد في حجة الوداع حين سألهم:

"أي شهر هذا؟! "