ب- وذهب الإمامان مالك وأبو حنيفة إلى أن الداخل في المسجد في حال خطبة الإمام لا يصلي تحية المسجد بل عليه أن يجلس ويستمع إلى خطبة الإمام. واحتجا في ذلك بالأدلة التالية:
ويجاب بأن الخطبة كلها ليست قرآناً. وإن كان بعضها قرآنا فيخصصها حديث جابر وأبي سعيد وغيرهما.
ثم إن الذي يؤدي تحية المسجد يقال له أيضا أنه منصت. لأنه لم يأت بشيء مخل للخطبة.
٢- وذكر صاحب الهداية قوله تعالى:{فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} .
يجاب: من يصلي تحية المسجد فهو في ذكر الله.
٣- وذكر أيضا صاحب الهداية فقال: ولأبي حنيفة رحمه الله تعالى قوله عليه السلام: "إذا خرج الإمام فلا صلاة ولا كلام".
فقال الشيخ ابن الهمام: رفعه غريب والمعروف كونه من كلام الزهري رواه مالك في الموطأ. قال خروجه يقطع الصلاة وكلامه يقطع الكلام.
ثم قال: وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه عن علي وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم كانوا يكرهون الصلاة والكلام بعد خروج الإمام والحاصل إن قول الصحابي حجة فيجب تقليده عندنا إذا لم ينفه شيء آخر من السنة [١٧] . انتهى.
يقال له فقد عارض قول الصحابي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حديث جابر وأبي سعيد وغيرهما.
٤- واحتجوا أيضا في ذلك بحديث عبد الله بن بسر أنه قال: جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اجلس فقد آذيت"[١٨] .
وبهذا الحديث استدل الإمام الطحاوي على عدم جواز الركعتين، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بالجلوس ولم يأمره بأداء ركعتي تحية المسجد [١٩] .