ولكن في استدلاله بهذا الحديث نظر لأنه من الممكن أن الرجل أدى تحية المسجد في ناحية من المسجد ثم بدأ يتخطى رقاب الناس ليصل إلى أوائل الصفوف، أو كان ذلك قبل الأمر بإتيان ركعتي تحية المسجد ثم هو أيضا واقعة عين لا عموم فيها فيحتمل أنه أمره بالجلوس لبيان عدم وجوب تحية المسجد، ويحتمل أنه أراد بذلك أن يقدم قبل الجلوس تحية المسجد ثم يجلس لما كان معروفا لديهم.
٥- كما احتج الإمام الطحاوي أيضاً بعموم الأحاديث الواردة في النهي عن اللغو يوم الجمعة كمن مس الحصى، ونزع الثياب أو يقول أحد لصاحبه: أنصت وغير ذلك من الأعمال.
فإذا كان الأمر بالمعروف وهو أمر اللاغي بالإنصات ممنوع مع قصر زمنه فالاشتغال بالتحية مع طولها زمنه أولى.
أجاب الشوكاني عن هذا فقال: حديث الإنصات وارد في المنع من المكالمة للغير ولا مكالمة في الصلاة.
٦- وقالوا أيضا: لا يجوز التطوع لمن هو جالس في المسجد والإمام يخطب فكذلك لا يجوز الابتداء في التطوع للداخل والإمام يخطب.
وفي هذا نظر لأن لنبي صلى الله عليه وسلم أمرين. أمر للجالس في داخل المسجد أن يستمع إلى الخطبة، وأمر للداخل بأن يبدأ بتحية المسجد قبل أن يجلس.
٧- واستدلوا أيضاً بحديث ضعيف وهو حديث ابن عمر أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دخل أحدكم المسجد والإمام يخطب فلا صلاة ولا كلام حتى يفرغ الإمام [٢٠] .
٨- وقالوا أيضا: إن حديث جابر يبيح الصلاة وحديث الإنصات يحرم فاجتمع المبيح والمحرم، فيترجح المحرم كما هو معروف.
يجاب بأن هذا إذا لم يمكن الجمع. والجمع هنا ممكن وهو الإنصات لمن هو جالس في المسجد، والصلاة لمن يدخل لأن كلاهما من أمر الشارع. وأمر الشارع لا يتعارض.