فأنت ترى كأن جابراً روى بوجهين فاكتفى أبو سفيان بوجه عام بينما روى عمرو بن دينار بوجهين. ثم روى تلاميذه بوجهين أيضاً فانتفى حكم الشذوذ والإدراج وقد سرد هذه الروايات بطرقها.
هذه هي بعض أدلة المانعين من أداء ركعتي تحية المسجد والإمام يخطب ويظهر من دراستها أن ما قال به المحدثون هو الراجح في الموضوع وقد قال الإمام ابن حزم (وسبحان من يسر هؤلاء لعكس الحقائق فقالوا: من جاء والإمام يخطب فلا يركع، ومن جاء والإمام يصلي الفرض ولم يكن أوتر ولا ركع ركعتي الفجر فليترك الفريضة وليشتغل بالنافلة فعكسوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عكساً [٢٦] . انتهى.
(الوقت الثاني) تحية المسجد في الأوقات المنهي عنها:
١- قال الإمام الشافعي وأحمد يجوز أداء تحية المسجد في الأوقات المكروهة.
٢- وقال الإمام مالك والإمام أبو حنيفة يكره ذلك.
والسبب في ذلك ورود العمومين المتعارضين، الأمر بالصلاة لكل داخل من غير تفصيل، والنهي عن الصلاة في أوقات مخصوصة فوقع الخلاف بين العلماء في تخصيص أحد العمومين وتفرع عن ذلك عدة أقاويل في الموضوع:
(القول الأول) أحاديث النهي عن الصلوات في الأوقات المكروهة منسوخة بأحاديث الإجازة فيجوز للرجل أن يصلي في الأوقات المكروهة مثل صلاة الكسوف والركعتين عند دخوله المسجد والصلاة على الجنائز وسائر ما أمر به من التطوع مستدلاً في ذلك بحديث أبي قتادة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنه ليس في النوم تفريط إنما التفريط في اليقظة فإذا نسي أحدكم صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها. رواه النسائي وغيره وإسناده صحيح.
قال ابن حزم "وهذا عموم لكل صلاة فرض أو نافلة"[٢٧] .
(القول الثاني) يجوز أن يصلي الفرائض المنسيّة كلها في الأوقات المكروهة ولا يجوز التطوع بعد الصبح وبعد العصر وكذلك من دخل المسجد في الأوقات المكروهة فلا يصلي تحية المسجد.