وهذا قول الإمام مالك أخذاً بعمل أهل المدينة. وهو أصل مختلف فيه بين العلماء.
(القول الثالث) يجوز قضاء الفائتات من الفرائض وكل تطوع ذي سبب، ومأمور به شرعاً في الأوقات المكروهة. وإنما المنع هو ابتداء التطوع بدون سبب من الشارع إلا يوم الجمعة وبمكة فإنه يتطوع في جميع هذه الأوقات.
وهذا قول الإمام الشافعي. وقال ذلك مستدلاً بالأحاديث التالية:
١- حديث جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت، وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار ".
رواه أبو داود، والترمذي والنسائي وابن ماجة وأحمد والشافعي وابن حبان، والدارقطني، البيهقي، والحاكم، والطحاوي والدارمي كلهم من طريق سفيان بن عيينة، عن أبي الزبير، عن عبد الله بن باباه، عن جبير بن مطعم [٢٨] .
قال الترمذي: حسن صحيح.
وسكت عليه أبو داود وأقر المنذري تصحيح الترمذي.
وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافق عليه الذهبي.
وأبو الزبير وإن كان مدلساً فقد صرح بالسماع في رواية النسائي وغيره.
وسوف يأتي مزيد من التحقيق لهذا الحديث في موضوع: أداء ركعتي الطواف في الأوقات المكروهة.
٢- حديث أبي هريرة: قال إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة ".
رواه الشافعي عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى عن إسحاق بن عبد الله عن سعيد المقري عن أبي هريرة.
ومن طريق الشافعي رواه البيهقي [٢٩] .
وفيه إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي كذاب. فقد كذبه بشر بن المفضل ويحيى بن سعيد وابن معين والنسائي وعلي بن المديني والدارقطني وابن حبان حتى قال فيه ابن معين: " كان فيه ثلاث خصال، كان كذاباً، وكان قدرياً، وكان رافضياً إلا أن الإمام الشافعي كان يدافع عنه ويقول: لأن يخر من السماء أحب إليه من أن يكذب وكان ثقة في الحديث.