المتأمل في كتاب الله تعالى يجد أن أكثر الحوار الذي دار بين الأنبياء وأممهم إنما هو في إثبات قضية الوحدانية لله تعالى.
أما ما حدث من بعضهم من مثل ما حكاه الله عزوجل عن الدهرية في قوله تعالى:{وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ}(الجاثية الآية:٢٤) .
فهو من قلة من الناس ممن فسدت فطرتهم فانحرفوا عن منهج العقلاء، كما هو الحال في أتباع الماركسية في عصرنا الحاضر. وإلا فوجود الله تبارك وتعالى من بدهية الفطرة، {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ..}(إبراهيم الآية: ١٠) .
تدل على أنه واحد.
وفي كل شيء له آية
ولا دليل عند أولئك في نفي وجود الخالق، إنما عندهم الظن. فقد قال الله لهم:{وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ} فالجهل بالشيء لا يدل على عدم وجوده، والظن لا يغني من الحق شيئاً، وقد نفى الله العلم عنهم وبين قصور الحجة عندهم، وبين أن دعواهم بأنهم خلقوا من غير شيء دعوى باطلة، إذ كل عاقل يعلم أنه لم يخلق نفسه ولا أولاده، ولا السموات والأرض، قال تعالى:{أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ. أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ}(الطور الآية: ٣٥،٣٦) .
وقد بين القرآن الكريم، بأن المشركين جميعاً حتى المدعين للربوبية إلحاداً يعترفون بهذه الحقيقة، أي أَنه لا خالق إلا الله تبارك وتعالى، إذ لم يدع أحد صفة الخلق والإيجاد عبر تاريخ البشرية كلها، {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}(لقمان الآية:٢٥) .