وفرعون واحد من هؤلاء فقد رفض الإيمان بإله موسى. وحين رأى الهلاك وأدركه الغرق، انجلى عن الفطرة ما كان قد شابها، فكرر الإيمان ثلاثاً علّه يستجاب له فينجو، ولكن كان ذلك في وقت لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل.
قال تعالى: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرائيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (يونس الآية: ٩٠) .
ولكن الله يقول: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ} (النساء الآية: ١٨) .
ولذلك قال له: {آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} (يونس الآية:٩١) .
وفى الحديث: عن عمر أن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي: كم تعبد اليوم إلها؟
قال: سبعة ... ستة في الأرض واحد في السماء.
قال: فأيهم تعده لرغبتك ورهبتك؟
قال: الذي في السماء.
قال: أما إنك لو أسلمت علمتك كلمتين ينفعانك، فلما أسلم الحصين.
قال: يا رسول الله علمني الكلمتين اللتين وعدتني.
قال: اللهم ألهمني رشدي وأعذني من شر نفسي [٩] .
وإذا كانوا يخلصون لله العبادة في حال الشدة فيلزمهم أن لا يشركوا في حال الرخاء لأن الله لا يقبل من الدين إلا ما كان خالصاً.
كما قال: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ. أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِص} (الزمر الآية: ٢-٣) .
وفي الحديث القدسي: "أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه" [١٠] .