للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* أقول: والذي يبين لي من اقتران اسم (الحميد) سبحانه باسم (المجيد) جل وعلا، أَنه عز وجل قد عظمت ذاته وتمجدت على وجه مطلق، وتمجدت كذلك أَسماؤه الحسنى التي اختارها سبحانه لنفسه، والتي تضمنت جميع صفاته الكمال المطلق، ومن ثم فإن أفعال هذا الإله العظيم (المجيد) إنما هي جميعها أفعال عظيمة مجيدة في اختيارها، وتقديرها، وإنفاذها، ويستحق سبحانه على كل فعل منها كمال الحمد الذي لا يستحقه أحد غيره، سواءٌ حَمِدَهُ بالفعل عبادهُ، أم أعرضوا عن حمده، فهو جل وعلا- وحده- المستحقُ لكافة أنواع الحمد رغم أنوف كل الجاحدين المعرضين.

. وقد اقترن اسم (الحميد) كذلك باسم (الحكيم) في القران الكريم مرة واحدة [٥] في قوله تعالى: {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (فصلت آية ٤٢) .

وهذه الآية جاءت بعد قوله تعالى: {وَإنهُ لكِتَابٌ عزيز} (فصلت آية ٤١) والمعنى أن القرآن الكريم كتاب منيع الجناب لا يُرَام أن يأتي أحدٌ بمثله، وليس للبطلان إليه سبيل لأنه منزلٌ من رب العالمين، الحكيم في أقواله وأفعاله، الحميد بمعنى المحمود في جميع ما يأمر به عبادَه وينهاهم عنه، المحمودة عواقبه وغاياته [٦] .

والمعنى في جامع البيان في تفسير القرآن أن القرآن الكريم أعزه الله، ليس للبطلان إليه سبيل، أو لا يبطله الكتب المتقدمة، ولا يأتيه كتاب بعده يبطله، فهو تنزيلٌ من حكيم حميد في ذاته وإن لم يحمده الحامدون [٧] .