للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعنى الآية أنه بعد إياس الناس من نزول المطر ينزله عليهم في وقت حاجتهم وفقرهم إليه، كقوله عز وجل {وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ} وقوله جل جلاله {وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ} أي يعم بها الوجود على أهل ذلك القطر وتلك الناحية - قال قتادة: ذكر لنا أن رجلاً قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين قحط المطر وقنط الناس، فقال عمر رضي الله عنه: مُطِرْتُمْ، ثم قرأ {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ} أي هو المتصرف لخلقه بما ينفعهم في دنياهم وأخراهم، وهو المحمود العاقبة في جميع ما يقدره ويفعله [١٠] .

ومعنى الآية عند الإمام الشوكاني: أن الله تعالى ينزل المطر الذي هو أنفع أنواع الرزق، وأعمها فائدةً، وأكثرها مصلحةً من بعد ما أيِسَ الناسُ عن ذلك، فيعرفون بهذا الإنزال للمطر بعد القنوط مقدار رحمة الله تعالى لهم، ويشكرون له ما يجب الشكر عليه، وهو سبحانه (الوليُّ) للصالحين من عباده بالإحسان إليهم، وجلب المنافع لهم، ودفع الشرور عنهم، (الحميد) أي المستحق للحمد منهم على إنعامه خصوصا وعموما [١١] .

والمعنى في تيسير الكريم الرحمن: أن الله تعالى ينزل المطر الغزير الذي به يغيث البلاد والعباد من بعد ما انقطع عنهم مدةً ظنوا أنه لا يأتيهم، وأيسُوا وعملوا لذلك الجدب أعمالاً، فينزل الله الغيثَ، وينشر به رحمتَه من إخراج الأقوات للآدميين وبهائمهم، فيقع عندهم موقعاً عظيماً، ويستبشرون بذلك ويفرحون، (وهو الوليُّ) الذي يتولى عبادَه بأنواع التدبير، ويتولى القيام بمصالح دينهم ودنياهم، وهو (الحميد) أي المحمود في ولايته وتدبيره، والمحمود على ما له من الكمال، وما أوصله إلى خلقه من أنواع الأفضال [١٢] .