للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعنى الآيتين: أن المؤمنين الذين عملوا الصالحات يدخلون جناتٍ تتخرق الأنهار في أكنافها، وأرجائها، وجوانبها، وتحت أشجارها وقصورها، يصرفونها حيث شاءوا وأين أرادوا، يحلَّوْنَ فيها من الحِلية في أيديهم أساورَ من ذهبٍ ولؤلؤاً، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: "تبلغ الحليةُ من المؤمن حيث يبلغُ الوضوء"، {وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} استبرقه وسندسه، كما قال تعالى: {عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً، إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً} . (ولباسهْمْ فيها حريرٌ) وفي الصحيح: "لا تلبسوا الحرير ولا الديباج في الدنيا، فإن من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة". ومعنى (وهدوا إلى الطيب من القول) أي هدوا إلى المكان الذي يسمعون فيه الكلامَ الطيبَ، كقوله تعالى: {وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ} ، وقوله: {وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ, سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} وقوله: {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا تَأْثِيماً, إِلا قِيلاً سَلاماً سَلاماً} .

{وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ} : أي وهدوا إلى المكان الذي يحمدون فيه ربهم على ما أحسن إليهم وأنعم به وأسداه إليهم، كما جاء في الحديث الصحيح: "إنهم يلهمون التسبيح، والتحميد، كما يلهمون النفس". وقيل: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْل} : القرآن، وقيل: لا إله إلا الله، وقيل: الأذكار المشروعة.

{وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ} أي الطريق المستقيم في الدنيا، وكل هذا لا ينافى ما ذكر قبله [١٤] .