للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقول الإمام الشوكاني في معنى قوله تعالى: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْل} أي أرشدوا إليه، قيل: هو لا إله إلا الله وقيل: الحمد لله، وقيل: القرآن، وقيل: هو ما يأتيهم من الله سبحانه من البشارات. وقد ورد في القرآن ما يدل على هذا القول المجمل هنا، وهو قوله سبحانه: الحمد لله الذي صدقنا وعده- الحمد لله الذي هدانا لهذا- الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن.

وقال في معنى قوله تعالى: {وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ} أنهم أرشِدوا إلى الصراط المحمود وهو طريق الجنة، أو صراط الله الذي هو دينه القويم، وهو الإسلام [١٥] .

ومعنى {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْل} في تيسير الكريم الرحمن: أنهم هدوا إلى الطيب من القول الذي أفضله كلمة الإخلاص ثم سائر الأقوال الطيبة التي فيها ذكر الله أو إحسان إلى عباد الله. ومعنى {وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ} أي الصراط المحمود، وذلك لأن جميع الشرع كله محتوٍ على الحكمة وحسن المأمور به وقبح المنهي عنه، وهو الدين الذي لا إفراط فيه ولا تفريط، المشتمل على العلم النافع والعمل الصالح- أو وهدوا إلى صراطِ الله الحميدِ، لأن الله كثيرا ما يضيف الصراط إليه لأنه يوصل صاحبه إلى الله. وفي ذكر (الحميد) هنا بيان أنهم نالوا الهداية بحمد ربهم، ومنَّته عليهم، ولهذا يقولون في الجنة {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [١٦] .

* أقول: وإفراد اسم (الحميد) سبحانه في هذه الآية دون أن يقرن باسم آخر من أسماء الله الحسنى كما ذكرت في الآيات التي سبق أن أوردتها، أفهم منه أن اسم (الحميد) استقلَّ بنفسه، كما استقلَّ اسم (الرحمن) في قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً} (الفرقان آية ٦٠) .