للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويبدو لي أن اسم (الرحمن) سبحانه كما يتضمن صفة الرحمة التي بها يرْحَم جميع من خلق الله تعالى، بمعنى أنها صفةٌ ذاتيةٌ لله عز وجل لا تنفك عنه البتة، وتظهر آثارها باستمرار على الخلق في كل لحظة، فإن اسم (الحميد) سبحانه يتضمن كذلك صفة الحمد بكل أنواعه، فهي صفة ذاتية لله عز وجل لا تنفك عنه، وتظهر آثارها باستمرار في كل لحظة. ومعناها أنه سبحانه مستحق لكل أنواع الحمد لأنه المحمود في ذاته، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله، وليس ذلك لأحد سواه سبحانه.

كما يبدو لي أن العبد لابد أن يسلك في حياته سلوكاً يحمد عليه، لأن أعماله جميعاً يجب أن تُجرّد (للحميد) سبحانه، و (الحميد) لا يقبل إلا العملَ الحميدَ، كما أن (الطيبَ) لا يقبل إلا العملَ (الطيبَ) . ولو أن كل فرد تحرى أن يكون عمله حميداً، لصلح أمر الناس في الدنيا والآخرة، ولاختفت المنازعات والخصومات فيما بينهم، ولعاشوا جميعا إخوةً في الله متحابين.

{أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ. وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ. وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ. وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ. أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ. إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ. لا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ} سورة النحل.


[١] المعجم المفهرس.
[٢] تفسير الإمام ابن كثير الجزء الثاني ص٤٥٣ ـ بقليل تصرف ـ.