أ- (عسى) فعل ماض يفيد معنى الترجي في المحبوب، والإشفاق في المكروه، وقد اجتمع المعنيان في قوله تعالى:{وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شرّ لكم}(البقرة: ٢١٦) .
والاسم الذي بعدها يكون مرفوعا على أنه اسم لها، ويأتي بعد ذلك الخبر المنصوب، نحو قول هدبة بن خشرم:
يكون وراءه فرج قريب
عسى الكرب الذي أمسيت فيه
وقول رؤبة:
لا تكثرن إني عسيت صائما
أكثرت في اللوم ملحا دائما
وقوله في المثل: عسى الغوير أبؤسا.
وقد تخرج (عسى) عن عمل الرفع والنصب على الترتيب إلى عمل النصب والرفع، فيقال: عسايَ وعساك وعساه، وقد قيل في تخريج ذلك:
إن عسى اقترضت عمل النصب والرفع على الترتيب من لعلّ.
ب- (لعلّ) حرف يفيد معنى الترجي والطمع، وقرد يرد إشفاقا، نحو قوله تعالى:{فلعلك باخع نفسك على آثارهم}(الكهف: ٦) ، ومعلوم أنه ينصب الاسم ويرفع الخبر كإنّ، هذا هو الأصل في عمل هذا الحرف، وقد ينصبهما على قلة، حكي عن بعض العرب: لعل أباك منطلقا، وخبر هذا الحرف الأصل فيه أن يجيء اسما صريحا كما تقدم في الآية الكريمة، وقد يخرج خبره عن كونه اسما صريحا فيجيء فعلا مضارعا مقترنا بأن، مقترضة هذا الحكم من (عسى) ، نحو قول متمم بن نويرة:
عليك من اللائي يدعنك أجدعا
لعلك يوما أن تلم ملمة
ومنه الحديث:"فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض"(١) .
وهكذا رأينا في الأمثلة المتقدمة أن (عسى) أجريت مجرى لعل في نصب الاسم ورفع الخبر، كما أجريت (لعل) مجرى (عسى) في اقتران خبرها بأن، قال صدر الأفاضل: أجري لعل بحيث أدخل على خبرها (أن) المصدرية مجرى عسى، كما تجرى عسى مجرى لعل، وهذا على طريق المقارضة.