لأن من كان في آخر لحظة من حياته كأبي طالب حين طلب منه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول لا إله إلا الله ليحاج له بها عند الله، لم يقلها، فأبو جهل كان عنده يقول له: أترغب عن ملة بد المطلب فكان آخر كلامهأن قال: هو على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول لا إله إلا الله فكان من أهل النار، وأنزل الله فيه قوله:{إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}(القصص: الآية ٥٦) .
ومن هنا نداءنا إلى الأساتذة الفضلاء، وهم من قادة الفكر الإسلامي المهتمينبتوجيه شباب الأمة الإسمية إلى الخير، الشباب الذي تعلق عليه آمال الأمة في قيادتها إلى ما فيه عزها وفلاحها في الدنيا والآخرة, أن يرجعوا أولاً لدراسة دعوة المصطفى صلى الله عليه وسلم في مكة وهي ثلاثة عشر عاماً قضاها رسول الله صلى الله من عمر الدعوة، إلى أي شيء كان يدعو الناس، وما طريقته وأسلوبه في مخاطبة الأمة الني بعث فيها.
الواقع أنه مكث تلك الفترة لاصلاح قلوب الناس وتخليصها من الشركاء المتشاكسين، دعاهم إلى كلمة التوحيد ((لا إله إلا الله)) ووعدهم بأنهم إن قالوها دانت لهم العرب والعجم، وكان المخاطبون يفهمون معناها، وما تضمنته من نفي واثبات.
وقد تحقق ذلك الوعد لمن قال تلك الكلمة {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}(النور، الآية ٥٥) .