للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أولئك الذين رباهم رسول الهدى صلى الله عليه وسلم تلك التربية الفريدة في نوعها حتى عمرت قلوبهم بالإيمان، تلقوا الحكام عند نزولها بصدور رحبة وإيمان راسخ، فلبوا داعي الله قدموا نفوسهم رخيصة في سبيله، يرجون إحدى الحسنيين وإلا فما الذي حمل الصحابي الجليل أن يرمي التمرات من يده ويتقدم للقتال حين علم أن ليس بينه وبين الجنة إلا الشهادة في سبيل الله. وما الذي حمل الغامدية ان تقدم نفسها للعقوبة حين ارتكبت معصية الزناء.

أولئك طبقوا قوله تبارك وتعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً} (الأحزاب: الآية ٣٦) .

وقد استمر التمكين للمؤمنين حين بقوا على الشرط - يعبدونني لا إله إلا الله يشركون بي شيئا - إن تنصروا الله ينصركم.

أقول هذا لأدعو إلى كلمة قالها الشيخ الغزالي، عن حال هؤلاء الملايين من المسلمين الذين يتهافتون على زيارة الأضرحة مقدمين لها النذور والقرابين، يقول عن هؤلاء: ((ولو دعوا لواجب ديني لفروا نافرين، وإن كانوا أسرع إلى الخرافة من الفراش إلى النار)) .

لماذا كانوا كذلك ونحن نرى أن الذين رباهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما دعوا للواجبات الدينية استجابوا لله ولرسوله، والناس هم الناس.

والجواب: إن قلوب أولئك نقيت من شوائب الشرك بالله فأصبحت خالصة له، لا إله إلا الله يوجد بها شركاء متشاكسون.

وفي الحديث: " إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجس كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ".

فبصلاح القلوب ملكها، وفي المثل الشائع: الناس على دين ملوكهم.