فهل ما يعلمه كثي من الناس بدعوى المحبة للرسول الله صلى الله عليه وسلم من أمور لم يعلمها الصحابة الذين عرفنا اجلالهم وتقديرهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم من مديح وإطراء يكون محبة.
ففي حديث عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله "(١) .
ولكن ما نهى عنه صلى الله عليه وسلم وخشيه على أمته وقع الناس فيه.
ففي نظم البوصيري قوله:
يا اكرم الخلق مالي من ألوذ به
سواك عند حلول الحادث العمم
إن لم تكن في معادى آخذاً بيدي
فضلاً وإلا فقل يا زلة القدم
وقوله:
فإن من جودك الدنيا وضرتها
ومن علومك علم اللوح والقلم
فإذا كانت الدنيا وضرتها من جود الرسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن بع ض علومه علم اللوح والقلم لأن ((من)) للتبعيض، فماذا بقي للخالق جل وعلا، والله يقول لنبيه:{وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ..} وقالت عائشة رضي الله عنها لمسروق كما في صحيح مسلم ١/١٥٩ ح / ٧٨١ " ومن قال إن محمد صلى الله عليه وسلم يعلم ما في غدٍ فقد أع ظم على الله الفرية، والله يقول {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} "(النمل / ٦٥) .
فهذا الغلو والإطراء هو الذي حذر الرسول الله أمته صلى الله عليه وسلم منه. حيث قال:" لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم " وقد صار حظ أكثر هؤلاء منه صلى الله عليه وسلم مدحه بالأشعار والقصائد والغلو الزائد، مع عصيانهم له في كثير من أمره ونهيه (٢) .
٣ - الشفعاء:
لقد سلك المشركون في اتصالهم بالله مسلك اتخاذ الوسطاء لهم عند الله.