وفي رواية أنس رضي الله عنه: " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين " (١) .
وفي البخاري في كتاب الإيمان والنذور.. من حديث عبد الله بن هشام أن عمر عمر بن الخطاب قال: لأنت يا رسول الله أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي. فقال: لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك. فقال عمر: فإنك الآن أحب إلي من نفسي. فقال: الآن يا عمر " (٢) .
ولاشك أن حظ أصحابه الذين كانوا معه من هذا الحب كان أتم، ذلك أن المحبة ثمرة المعرفة، وهم بقدره ومنزلته أعلم من غيرهم، والناس يتفاوتون في ذلك وقد عبر بعض الصحابة عن هذا الحب المكين بأقوالهم وأفعالهم.
يقول عمرو بن العاص رضي الله عنه: " وما كان أحد أحب إلي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أجل في عيني منه وما كنت أملأ عيني منه اجلالاً له ولو سئلت أن أصفه ما أطقت لأني لم أكن أملأ عيني منه " (٣) .
هكذا كانت محبة الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم يحبونه أكثر من أنفسهم، يقتدون به ويطيعون أوامره يجتنبون ما نهى عنه.
وما نشأت البدع إلا من تقديم هوى النفس على متابعة الرسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء بسنته ولذلك سُمّي منتحلوها بأهل الأهواء.
{فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (القصص: الآية ٥٠) .
ولا يعصم من الهوى الإ طاعة الله والاقتداء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} .
يقول ابن القيم في النونية ص ٥٧٩:
فهو المطاع وأمره العالي على
أمر الورى وأوامر السلطان
وهو المقدم في محبتنا علىالـ
أهلين والأزواج والولدان
وعلى العباد جميعهم حتى على
النفس التي قد ضمها الجنبان