إن العبادة هي الاتباع في الشرائع بنص القر آن وتفسير رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فاليهود والنصارى لم يتخذوا الأحبار وا لرهبان أرباباً بمعنى الاعتقاد بألوهيتهم أو تقديم الشعائر التعبدية إليهم ... ومع هذا فقد حكم الله - سبحانه عليهم بالشرك في هذه الآية - وبالكفر في آية تالية السياق - لمجرد أنهم تلقوا منهم الشرائع فأطاعوها واتبعوها ... فهذا وحده - دون الاعتقاد والشعائر يكفي لاعتبار من يفعله مشركا بالله الشرك الذي يخرجه من عداد المؤمنين ويدخله في عداد الكافرين.
إن النص القر آني يسوي في الوصف بالشرك واتخاذ الأرباب من دون الله بين اليهود الذين قبلوا التشريع من أحبارهم وأطاعوهم، وبين النصارى الذين قالوا بألوهية المسيح اعتقاداً وقدموا إليه الشعائر في العبادة. فهذه كتلك سواء في اعتبار فاعلها مشركا بالله، الشرك الذي يخرجه من عداد المؤمنين ويدخله في عداد الكافرين.
إن الشرك بالله يتحقق بمجرد إعطاء حق التشريع لغير الله من عبادة ولو لم يصحبه شرك في الاعتقاد بألوهية، ولا تقديم الشعائر التعبدية له ".
ويخلص بعد ذلك إلى القاعدة المعروفة عند المفسرين والأصوليين أن العبرة بعموم اللفظ لابخصوص السبب لأن القر آن تشريع عام للبشرية كلها في كل زمان ومكان.
فيقول: " إن دين الحق الذي لا يقبل الله من الناس كلهم دينا غيره هو (الإسلام) والإسلام لا يقوم إلا باتباع الله وحده في الشريعة - بعد الاعتقاد بألوهيته وحده وتقديم الشعائر التعبدية له وحده - فإذا اتبع الناس شريعة غير شريعة الله صح فيهم ما صح في اليهود والنصارى من أنهم مشركون لا يؤمنون بالله - مهما كانت دعواهم في الإيمان - لأن الوصف يلحقهم بمجرد اتباعهم لتشريع العباد لهم من دون الله بغير إنكار منهم يثبت فيه أنهم لا يتبعون إلا عن إكراه واقع بهم لا طاقة لهم بدفعه وأ نهم لا يقرون هذا الافتئات على الله ".