صائباً أن القوم قد أمنوا منا وقد علمتم ما فعلوه بنا وأرى أن نهجم عليهم فإنا نظفر بهم فأجابوه إلى ذلك وهجم عليهم إلى (حنفر) فقتل ابن أبي علاء وعسكره واستباح ما كان له, وأخذ من خزائنه تسعين ملحماً في كل واحد عشرة آلاف، فلما رجع إلى بلاد يافع عظم شأنه وشاع ذكره وأجابه قبائل مذحج بأسرها وزبيد ومالا يحصى عدده، فلما بلغ ذلك جعفر أغتم غماً شديداً وسفر إليه ينظر ما عنده فسأله أن يقسم ما أخذ من (حنفر) فجمع القرمطي القبائل والعساكر ولقي السفير في أعظم زي من العدة والعدد، فلما عرفه السفير بما جاء به جمع العساكر وقال:"إن جعفر أرسل إلي لما بيني وبينه من العهد بقسمة ما غنمت وقد أحضرتكم شهوداً على تسليمه إليه لأني لا رغبه لي في المال إنما قمت لنصرة الإسلام" فشكروه على ذلك، ثم احضر المال فقسمه شطرين وسلم إلى السفير وقال::انصرف إلى صاحبك ليلتك وقل له: يستعد لحربي"وكتب معه كتاباً إليه يذكره فيه أنه بلغني ما أنت عليه من ظلم المسلمين وأخذ أموال الناس "آنا قمت لأميت المظالم وأرد الحق إلى أهله، فإن أردت تمام ما بيني وبينك فرد الظلامات إلى أهلها وأدفع لأهل دلال دية ما قطعت من أيديهم". وذلك أن جعفرا قطع أيدي ثلاثمائة رجل من أهل دلال على حجر بالمذيخرة [١] يقال أن أثر الدم على الحجر إلى اليوم، فلما كان العام المقبل خرج القرمطي بالجمع الكثير فدخل المعافر فأمر جعفر بلزوم نقيل بردان عند التعكر [٢] وخرج في لقائه أكثر من ألف فارس فانهزم القرمطي مولياً إلى بلاد يافع فجمع جموعاً كثيرة ورجع لهزم جموع جعفر إلى المذيخرة فتتبعه جعفر بصاحب تهامة فأنجده بغسكر عظيم فطلع حتى صار في موضع يقال له الراهدة بناحية (عبهة) فلما سمع به القرمطي خرج إليه في جنح الليل فظفر به وقتل جعفراً في الحوالة بنحلة.