يرى أكثر الفقهاء عدم جواز قضاء رمضان السابق للمسافر خلال سفره في رمضان التالي له. وقد حكى ابن المنذر هذا الرأي عن سعيد بن المسيب وأحمد وإسحاق وأبي ثور , كما أنه رأى مالك والشافعي وجمهور الفقهاء [٢٥] ..
ولم يذكر مستند لأصحاب هذا الرأي لكني وجدت أثرا منقولا عن عطاء , في رجل أفطر رمضان ثم أقام ولم يقضه حتى ألقاه رمضان المقبل مسافرا , أيفطر إن شاء , قال نعم , ثم يطعم ثلاثين مسكينا ثلاثين مدا [٢٦] ..
لكن من الواضح: أن عطاء هنا , أجاز الفطر ولكنه لم عن صيامه قضاء عن رمضان السابق , كما يقول المجيز فليس فيه ما يفيد المنع..
إلا أننا حينما نلاحظ الحكمة من رخصة الفطر للمسافر , وهي تخفيف المعاناة التي يجدها المسافر خلال سفره , ثم نلاحظ أن الأخذ بهذه الرخصة ليس محتما - كما أوضحنا ذلك سابقا - كانت النتيجة: أن من كانت لديه قدرة على تحمل مشقة السفر , أو كانت ظروف سفره تساعد على تخفيف هذه المشقة إلى قدر المحتمل عادة، كان الأولى به , هو صيام الفرض الحاضر اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه , فقد ثبت مما تقدم أنهم كانوا يصومون خلال شهر رمضان وأن هذا الصيام كان عن رمضان الحاضر الذي يكونون فيه , وأما الادعاء بأنهم كانوا يصومون تطوعا أو نذرا أو قضاء لرمضان سابق عليهم فهي دعوى جاءت على خلاف الأصل وعلى مدعيها إقامة الدليل على إثباتها..
ومجمل القول في هذه المسالة , أن القول بجواز قضاء رمضان السابق للمسافر خلال شهر رمضان التالي له في أثناء سفره فيه , هذا القول قد يتفق مع مذهب ابن حزم الذي يمنع المسافر من الصيام خلال سفره في شهر رمضان..