أما عند الجمهور الذين يجيزون الفطر والصوم للمسافر خلال شهر رمضان بل ويعتبرون الصيام أفضل لمن قوى عليه - لحديث أبي سعيد المتقدم وغيره مما أسلفنا - فهذا العمل فيه مخالفة عندهم لما كان عليه صلى الله عليه وسلم وأصحابه حيث لم يثبت ذلك عن أحد منهم بالرغم من كثرة أسفارهم. كما أن ابن حزم مع كثرة استيعابه وجمعه للسنن والآثار لم يستطع ايراد سنة واحدة أو أثر واحد يدلل به على ما ذهب إليه , كل ما في المر أنه بنى على رأيه في هذه المسألة على الأصل الذي تثبت به من قبل وهو حرمة الصيام على المسافر
خلال شهر رمضان. ولما وجد كثرة النصوص التي تثبت صيام النبي صلى الله عليه وسلم وصيام أصحابه , قام بثنى عنان كل هذه النصوص ,على أن الصيام الثابت فيها لم يكن عن رمضان الحاضر , بل كان عن غيره , من نذر أو تطوع أو قضائه لرمضان السابق وهكذا. غفر الله لنا وله..
هل يجب ال إ طعام على من فرط في قضاء رمضان حتى أدركه رمضان آخر؟
أكثر أهل العلم على أن المسافر الذي أخذ بالرخصة فأفطر في سفره خلال شهر رمضان - كله أو بعضه - ثم استمر في سفره - أو شغل عنه بمرض ونحوه من الأعذار القاهرة - حتى أدركه رمضان الثاني , ف إ نه لا يجب عليه ال إ طعام وإنما يلزمه بعد انتهاء سفره أو الشفاء من مرضه أن يقضي رمضان السابق ثم التالي له بالترتيب.
وقد نقل هذا الرأي عن طاوس والحسن البصري والنخعي وحماد بن أبي سليمان والأوزاعي ومالك وإسحاق وأحمد وأبي حنيفة والمزني ودواد ...
وقد اختار هذا الرأي البيهقي واستدل له بقوله تعالى:{فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}[٢٧] ..
وقد حكى عن ابن عباس وابن عمر وسعيد بن جبير وقتادة , أن مثل هذا الشخص: يصوم رمضان الحاضر عن الحاضر ويفي عن الغائب ب إ طعام كل يوم مسكينا ولا قضاء عليه [٢٨] .