كما يحدث من معاكسة جريان الدم في الكد أن أوردة المعدة والأمعاء تتمدد وقد تنفجر وينتج من ذلك نزيف له أثره وخطره، ولعلكم تعلمون أن تمدد الأوردة في الجزء الأخير من الأمعاء هو ما يسمى (بالبواسير) ، والبواسير هذه التي هي إحدى هدايا الإدمان في الخمر لها من الأثقال والآلام ما يجعلها غنية عن التعريف، ويكفي أن تسأل عنها مريضا بهذا ليحدثنا عنها حديث المجرب الخبير.
ويحدث تليف الكبد أعراضا أخرى كثيرة، كتضخم الطحال، وتجمع مائي في الصدر، والتهاب في الكليتين، وغير ذلك مما لا يتسع المجال للتحدث عنه بالتفصيل.
والآن فلننتقل إلى عضو آخر ذي أهمية كبرى، وهو: الكليتان.
وقبل أن نتحدث عن تأثير الخمر على الكليتين أودّ أن أذكر شيئاً عن وظيفة هذا العضو الثمين في الجسم.
ذلك أن الدم عندما يمر فيهما تعمل خلاياهما على فرزه بما أوتيت من دقة في الحساسية، فتأخذ منه المواد الضارة التي تخرج في البول، وتبقى فيه المواد المفيدة التي يحتاج إليها الجسم.
والإدمان على الخمر يسبب في الكليتين التهابا حادا أو مزمنا، وتكون نتيجته اختلال وظيفة الكلية، فينزل في البول زلال الدم، وهو مادة غذائية ثمينة يجهد الجسم نفسه في هضمها بالأمعاء ثم امتصاصها في الدم، وبدلا من أن ينتفع الجسم منها في بناء خلايا جديدة تنزل في البول فتضيع سدى، وفي الوقت نفسه تبقى في الدم بعض المواد الضارة وأخصها (البولينا) .
وهذه إذا كثرت تسبب تسمما بوليا وخيم العاقبة، هذا فضلا عما يسببه التهاب الكليتين أيضا من حدوث ورم عام بالجسم، وضعف في البصر وارتفاع في ضغط الدم مع ما ينتج عن هذه الأعراض نفسها من أخطاء.. انتهى.
هذه صورة جلية واضحة لبعض أضرار الخمر التي بينها لنا أحد رجال الطب العباقرة، الذي لمسها عن تجربة من الواقع العملي والتحليلي لصرعى أم الخبائث.