ويصر بعض الناس مع علمهم بحرمتها وأضرارها على تناولها؛ يقتلون أنفسهم بأيديهم، ويلقون بها في التهلكة دنيا وأخرى، دون خوف أو حياء من الذي يعلم السر وأخفى.
ويتضح لنا مما تقدم حكمة تحريم الخمر، وأن الله تبارك وتعالى لم يحرم شيئاً إلا لما يحتوي عليه من أضرار بالغة تؤدي بحياة الإنسان وكرامته.
حكم التداوي بالخمر:
أخرج مالك في الموطأ عن زيد بن أسلم مرسلا أن النبي r قال لرجلين: "أيكما أطَبّ؟ " قالا: يا رسول الله وفي الطب خير؟ قال:"أنزَلَنا الداء الذي أنزل الدواء"[١٢] .
وفي صحيح البخاري قال: حدثنا عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء".
ولمسلم عن جابر رفعه:"لكل داء د واء، فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله تعالى".
ولأبي داود من حديث أبي الدرداء رفعه:"إن الله جعل لكل داء دواء؛ فتداووا ولا تتداووا بحرام".
من جملة هذه الأحاديث يعلم أن التداوي مطلوب شرعا، وأن الداء والدواء من قدر الله عزّ وجلّ، وعلى حد سواء.
وإذا كان التداوي مطلوبا فهل هو مطلوب بكل ما يظن أنه دواء، وسواء أكان هذا الدواء حلالا أم حراما؟
أما كون التداوي مطلوبا بدواء هو حلال فهذا أمر لا مرية فيه بمقتضى هذه الأحاديث التي تقدمت.
أما التداوي بمحرم فهذا ما يحتاج الأمر فيه إلى تفصيل.
فعن وائل بن حجر أن طارق بن سويد الجعفي سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمر، فنهاه عنها، فقال: إنما أصنعها للدواء، قال:"إنه ليس بدواء ولكنه داء". رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وصححه.
وعن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء؛ فتتداووا ولا تتداووا بحرام". رواه أبو داود.