من سنة الإسلام في الأحكام أنه إذا حرم شيئاً حرم ما يكون ذريعة إليه، ومن هنا حرم الإسلام بيع الخمر والانتفاع بثمنها، كما يحرم تمليكها وتملكها بسائر أسباب الملك، ولو لم يكن هؤلاء جميعا من شاربيها.
وقد ذكر ذلك صريحا في المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي، وهو السنة الصحيحة التي بلغت بمجموعها حد التواتر، وانعقد عليه المصدر الثالث، وهو الإجماع، وبذلك كان بيع الخمر باطلا عند جميع الأئمة، ولا يترتب عليه ملكها للمشتري، ولا ملك ثمنها للبائع، وكان ثمنها أكلا للأموال بالباطل، أي: بوسيلة محرمة غير مشروعة في ديننا إطلاقا.
وقد روى ذلك مسلم في صحيحه بقوله صلى الله عليه وسلم:"يا أيها الناس إن الله يبغض الخمر، ولعل الله سينزل فيها أمرا؛ فمن كان عنده منها شيء فليبعه ولينتفع به"، وما لبثوا إلا يسيرا حتى قال عليه الصلاة والسلام:"إن الله حرم الخمر، فمن أدركته هذه الآية - يريد {إِنَّمَا الْخَمْرُ..} وعنده منها شيء، فلا يشرب ولا يبع"، فاستقبل الناس بما كان عندهم منها طرق المدينة فسكبوها.
وكذلك ما رواه أحمد والنسائي: لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يوم الفتح - برواية ابن حجر - فقال له:"أما علمت أن الله حرمها؟ " فأقبل الرجل على غلامه وقال له: اذهب فبعها، وكأنّ الرجل فهم أن التحريم قاصر على شربها، فقال له الرسول صلوات الله عليه:"إن الذي حرم شربها حرم بيعها"، فأفرغت في البطحاء.
ثالثاً: تحريم إهدائها والانتفاع بذاتها:
وكما حرم الله بيعها على المسلم حرم عليه أيضا إهداءها إلى غير المسلم، وقد قيل للرسول صلى الله عليه وسلم من أحدهم بعد أن بين حرمة بيعها أفلا أكارم لها اليهود؟ فقال:"إن الذي حرمها حرم أن يكارم بها اليهود".