ومن هذا الحكم - وهو حرمة بيعها والانتفاع بثمنها - تقررت حرمة الانتفاع بذاتها على أي نحو من أنحاء الانتفاع؛ من طريق الخلط بغيرها، أو عن طريق الاستغلال، فيحرم أن تدخل في الطعام بأي قدر كان، أو تصفيف الشعر بها كما تفعله بعض السيدات، ويحرم تقديمها على موائد المسلمين مجاملة لغير المسلم، أو بيعها في الفنادق للسياح، كما تفعل وزارت السياحة في معظم البلاد العربية والإسلامية، باسم ترويج السياحة وزيادة الدخل القومي مما حرم الله، وهو في الحقيقة نقص وخراب وليس زيادة، كما يحرم أيضا (الجمارك عليها) .
فكل ما يأتي عن طريق الخمر حرام لا مرية في حرمته، ولا يحل الانتفاع به في أي وجه من الوجوه، كالإعلان عنها على الجدران وفي الصحف كما في كثير من بلاد المسلمين أيضا مع بالغ الأسف، والأشد أسفا أن بعض الدول التي يدين أهلها بالإسلام وينتمون للعروبة، ويتكلمون العربية لغة القرآن الذي حرمت آياته الخمر، تتخذ من الخمر مصدرا من مصادر إنتاجها بمصانع الخمر عندها، وتقوم بتصديرها لشتى الدول، ومن عملائها دول مسلمة أيضا، وأصبح تبعا لذلك شرب الخمر مباحا للجميع، والقانون يحمي السكارى إذا تعرض لهم أحد غيور على دينه.
رابعاً: إهدار قيمتها:
ومن خلال حرمة بيعها وحرمة الانتفاع بها أيضا سقوط تقوّمها في حق المسلم، بمعنى أنها لا تضمن بالإتلاف.
ومما يجب معرفته هنا: أن حق إتلافها إنما أعطاه الإسلام للحاكم خاصة، ولم يعط شيئاً منه للأفراد، حسماً للخصومات ودفنا للفتن، وبذلك كان للحاكم حق تعزير الأفراد الذين يبيعونها، مهما بلغ التعزير، حتى إن عمر رضي الله عنه كان يحرق على الخمارين بيوتهم، قطعا لمادة الإفساد، ومحافظة على الشخصية الإسلامية التي أعز بها المجتمع المؤمن في عصره الزاهر العظيم.