يمتاز أبو اسحق إسماعيل بن القاسم المشهور بأبي العتاهية بغزارة شعره الذي أنشده في الزهد في الدنيا، وذكر الموت وما بعده من القبر والحساب في الآخرة والجزاء بالجنة أو النار، سوى ما نظمه في الأغراض الشعرية الأخرى. وقد اتهمه حساده بالزندقة، وحاولوا إثبات ذلك بإيراد روايات عن تهتكه في شبابه، وما كان بينه وبين أمثاله من شعراء العصر العباسي كأبي نواس وغيره. هذا ما حدا بالحافظ أبي عمر يوسف بن عبد البر بالعناية بجمع أشعاره الحكمية والدفاع عنه، وإثبات براءته مما وصم به، في كتابه: الابتهال بما في شعر أبي العتاهية من الحكم والأمثال [١] .
وكان القسيس الأب لويس شيخو اليسوعي قد طبع ديوان أبي العتاهية منذ ما يقرب من قرن في المطبعة اليسوعية في بيروت، وأعيد طبعها عدة مرات، وفيها تحريفات كثيرة، لفتت نظر الشيخ المحقق أحمد محمد شاكر رحمه الله، أثناء تحقيقه لكتاب: الشعر والشعراء لابن قتيبة. فعلق على ترجمة أبي العتاهية بقوله ((وديوانه معروف مطبوع، طبعة الآباء اليسوعيون.. وهم قوم لا يوثق بنقلهم لتلاعبهم وتعصبهم وتحريفهم، ولكن هذا الذي وجد بأيدي الناس)) .