وقد لفت نظري مقال للدكتور آدم بيلو ((حول الشعر التعليمي)) المنشور في العدد ٥٢ من مجلة الجامعة الإسلامية، وفيه يقول: إن جامع ديوان أبي العتاهية لويس شيخو قد أورد من أرجوزة أبي العتاهية المعروفة بذات الأمثال ما يقارب من الخمسين بيتاً، وتذكر أن الدكتور شكري فيصل قد أورد منها ثلاثمائة وعشرين بيتاً، في كتابه:((أبو العتاهية: أخباره وأشعاره)) المطبوع بجامعة دمشق سنة ١٣٨٤، وقد أماط مؤلف هذا الكتاب اللثام عن تحريفات الأب شيخو، وقام بجهد مشكور في توثيق شعر أبي العتاهية معتمداً على مخطوطتين إحداهما في الكتب الظاهرية بدمشق، والأخرى في مكتبة توبنجن بألمانيا، وهما نسختان مما جمعه ابن عبد البر، ولما كان ابن عبد البر لم يقصد إلى جمع شعر أبي العتاهية كله، فإن الدكتور شكري حرص على جمع أشعاره وأخباره من مختلف المصادر فجاء كتابه جامعا موثقاً فيه الأمانة في النقل، وإثبات الاختلاف في الرواية إن وجد.
وأما لويس شيخو فقد طمس عمل الحافظ ابن عبد البر، فكتب عنوان الكتاب هكذا:(الأنوار الزاهية في ديوان أبي العتاهية) ، وكتب تحته:((نقلاً عن رواية النمري، وكتب مشاهير الدباء كالأصفهاني والمبرد وابن عبد ربه والمسعودي والماوردي والغزالي)) .
وحين شرع الدكتور شكري يقابل بين مخطوطة الظاهرية وبين ما في مطبوعة الأب شيخو استرعى نظره أمر خطير، يقول:" لفتني في شئ من عنف تحريفات غريبة وقعت عليها، فلما مضيت أستقصي، بدت لي هذه التحريفات وكأنها عمل مقصود "[٢] .
وتبيّن للدكتور أن الأمر تجاوز التحريف إلى بتر بعض الأبيات ذوات العدد من بعض القصائد، يقول:" وذكرت حديث الشيخ شاكر رحمه الله وكنت أظن فيه بعض الحدة، فإذا حديثه دون أن ينهض لهذا التضليل الذي إليه طبعة الأب شيخو، والتي أرادت أن تسوق إليه الناس في شئ كثير من الاستخفاف بكل أمانة العلم وخلق العلماء "[٣] .