للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قضية جمع القران: لابد عند الحديث عن القران العظيم من إعطاء القول الفصل في قضية جمعه , ليكون الطالب على بصيرة من سلامة القران من كل زيادة أو نقصان , على حين أن كل ما تستوعبه كتب الأدب المقررة لا ينطوي على الكلمة النهائية في الموضوع , بل يفسح المجال للشك الخبيث في هذه الناحية. فالطالب لا يخرج فقط دون فهم صحيح لسبب الإقتصار على نسخة عثمان , بل يزوده المؤلفون بأغاليط مشوشة , وبخاصة ما يذكرونه من إحراق عثمان لمجموعة أبي بكر عقب جمع مصحفه , ومعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يغادر الدنيا إلا بعد أن كان القران محفوظاً كله في صدور الألوف الذين يستحيل نواطؤهم , وفي صحف تؤلف مجموعات كاملة لدى عدد من الصحابة , وإنما كتبت نسخة أبي بكر خوفاً من فقدان الحُفَّاظ لكثرة ما قتل منهم في الحروب , وقد كتبت هذه في (قطع الأدم وكسر الأكتاف والعسب) بيد زيد بن ثابت كاتب الوحي , والحافظ الذي عرض مجموعه على رسول الله آخر حياته صلى الله عليه وسلم ’ فلما كان عهد عثمان تباعدت منازل القوم فاختلفوا على القراآت باختلاف لهجاتهم , وحصل عن ذلك جدال ولجاج بين الناس , كل يؤيد قراءته , الأمر الذي حفز عثمان ومعه الصحابة رضوان الله عليهم أن يجعلوا الناس على مصحف أبي بكر وحده منعاً للخلاف على القراآت. وهكذا كتب مصحف عثمان في نسخ وزعت على الأمصار , بعد الاستيثاق من ضبطه على صحف الصديق ومحفوظات الصحابة تماماً , وقد اعيدت صحف الخليفة الأول إلى أم المؤمنين حفصة سالمة , وحرقت الصحف الأخرى التي كانت في حوزة بعض الصحابة تجنبا لاختلاف القراآت , وهكذا اتفقت جميع النسخ مع المحفوظ في سلامة الضبط ولم يكن فيها من اختلاف قط إلا في ترتيب السور , فقد كانت في بعضها مرتبة حسب النزول، فاختير ترتيب زيد لأنه صاحب العرضة الأخيرة على الرسول , أما ترتيب الآيات في السور فهو تقيف عن الرسول عن جبريل ولا خلاف فيه.