ولقد حوصرت القسطنطينية إسلاميا من قبل الفتح العثماني إحدى عشرة مرة، ومن ضمن هذه المرات حصار معاوية بن أبي سفيان لها عام ٣٤هـ الموافق ٦٥٤م، في خلافة علي بن أبي طالب، وحاصرها يزيد بن معاوية عام ٤٧هـ الموافق ٦٦٧م في خلافة علي أيضا، كما حاصرها سفيان بن أوس عام ٥٢هـ الموافق ٦٧٢م في خلافة معاوية، وحوصرت القسطنطينية في عهد كل من عمر بن عبد العزيز وهشام وهارون الرشيد.
ودخل الفاتح المدينة فأمر باستتباب الأمن، ثم زار كنيسة أيا صوفيا، وأمر بأن يؤذن فيها للصلاة إعلانا بجعلها مسجدا جامعا للمسلمين، ثم أعلن في كافة الجهات بأنه لا يعارض في إقامة شعائر المسيحيين، بل إنه ضمن لهم حريتهم الدينية، وحفظ عليهم أموالهم وأملاكهم، فرجع بعض من هاجر من النصارى في الحصار، وأعطاهم نصف الكنائس، وجعل النصف الآخر جوامع للمسلمين، ثم جمع أئمة دينهم لينتخبوا بطريقا لهم، فاختاروا جورج سكولاريوس، واعتمد السلطان الفاتح هذا الانتخاب وجعله رئيسا لطائفة الأروام وأعطاه حرسا من الانكشارية، ومنحه حق الحكم في القضايا المدنية والجنائية بكافة أنواعها المختصة بالأروام، وعين معه في ذلك مجلسا مشكلا من أكبر موظفي الكنيسة، وأعطى هذا الحق في الولايات العثمانية للمطارنة والقسس.
وبفتح مدينة القسطنطينية أسدل الستار على العصور الوسطى، ويؤرخ المؤرخون الأوربيون بدء العصر الحديث في التاريخ بيوم ٢٥ مارس ١٤٥٣، بمعنى اليوم الذي يسّر الله الفتح للفاتح.