للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا هو منهج المصطفى صلى الله عليه وسلم في دعوته، فقد مكث في مكة ثلاثة عشر عاماً يدعو الناس لتحقيق هذه الغاية، وهى توحيدُ الله وتركُ كل ما يدعى من دونه، ولو علم صلى الله عليه وسلم أن هناك منهجاً آخر يمكن به صلاح البشرية لتبعه، فقد عرض عليه رؤساء قريش لصرفه عن منهجه في دعوته أموراًَ منها: أنه إذا أراد بدعوته الملك فهم على أتم استعداد أن يتوجوه ملكاً عليهم، ولكنه يعلم أن الملك لا يصلح قلوب الناس ولا ينقذ البشرية مما وصلت إليه من تدهور في العقيدة والسلوك والأخلاق، وإنما الملك ثمرة من ثمار الإيمان والأعمال الصالحة كما قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً} ] النور/ ٥٥ [.

ولذلك بقي في دعوته سائراً على منهجه غير مبال بمعاداة ومخالفة الناس جميعاً له فيما يدعوهم إليه- إلا الذين آمنوا بدعوته وهم قلة.

والفئة القليلة المؤمنة، تغلب الفئة الكثيرة الضالة بإذن الله.

فهو صلى الله عليه وسلم يعلم أنه لو صار ملكاً عليهم، وهم لا يؤمنون بمبادئه، وشريعته التي يريد تطبيقها وتنفيذها عليهم يعلم يقيناً أن ليس في استطاعته ولا في مقدوره تَنْفيذَ هذا المنهج فيهم.