للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولكن حينما صلحت تلك القلوب فآمنت بالله ثم بكل ما جاء عنه في كتابه وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، قامت الدولة في المجتمع المدني الذي نزل فيه قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً} ] الأحزاب/ ٣٦ [.

فكما نعلم جميعاً، أن عقوبة الزاني المحصن الرجم بالحجارة حتى الموت، فما الذي دعى المرأة الغامدية أن تقدم نفسها لإِقامة تلك العقوبة عليها، وما الذي دفع ماعزاً أن يقدم نفسه لتلك العقوبة أيضاً.

والجواب - أنه صلاح القلوب التي أصبحت فارغة من كل شيء إلا الإيمان بالله وبما جاء في كتابه وعلى لسان رسوله، الإِيمان الجازم باليوم الآخر وما يجرى فيه، وأنَّ منْ لم يعاقب على جريمته في الدنيا، فلن ينجو من ذلك يوم القيامة، يوم الأجزاء على الأعمال إن لم يعفو الله عنه، وبذلك الإيمان الصادق والعمل الصالح تحققت الخلافة في الأرض التي هي ثمرة من ثماره، وذلك ليُعَبَدَ الله وحدهُ ولا يشرك به شيئاً {يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً} وبقيام تلك الخلافة تحافظ الدولة على حماية هذا المبدأ العظيم الذي خلق الله الجن والإِنس من أجله {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} ] الذاريات: ٥٦ [. ولا تتحقق تلك المحافظة إِلا بالقيام بكل ما من شأنه عز الإسلام وأهله وهو ما نصت عليه الشريعة الإِسلامية وحث عليه دستورها القرآن الكريم، الذي لم يفرط في الله فيه من شيء، وهو القائل: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} ] الأنفال: ٦٠ [.

وقد قامت الدولة الإِسلامية من عهدها الأول بذلك، ومكن الله لها في الأرض، وبحفظها لدين الله وإقامة شريعته في الأرض بقيت لها العزة والكرامة.