وحين ابتعد الناس عن هذا المنهج الذي رسمه لهم رسول الهدى صلى الله عليه وسلم، وابتعد الناس عن دينهم فتركوا كتاب ربهم وسنة نبيهم بعوامل كثيرة، نشأ عنها تفرق الأمة في عقائدها وسلوكها ومناهج حياتها بما يزينه لها أعداؤها، فتشتت المسلمون وتفرقت كلمتهم، وذلك بسبب تركهم لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى قوله:"تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وسنتي".
ومعناه أن من ترك التمسك بهما فسيضل، وهذا هو الواقع المشاهد. ومعلوم أن التمسك بهما هو العمل بما جاء فيهما أمراً ونهياً في جميع مجالات الحياة، بدأ بالعقيدة وإخلاص العبادة لله وحده، وانتهاء بعمل ما يمكِّن المسلمين من أداء هذه العبادة لله، وأن تكون كلمة الله هي العليا، وقد قال الإِمام مالك رحمه الله:"لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها".
والمهتمون بأحوال المسلمين والذين يسعون لإصلاح المجتمعات ليستعيد الإسلام مجده، وتستعيد الأمة الإسلامية كرامتها وقوتَها وسيرتَها الأولى، هؤلاء يسلكون لتَحقيق هذه الغاية مناهج مختلفة.
والناظر في دعوات زعماء الإصلاح الذين سبقونا وهم كثيرون، أقول إن المتتبع لدعوات أولئك لا يجد دعوة نجحت وحققت ثمارها المرجوة منها إِلا الدعوة التي سلكت وترسمت المنهج الذي سلكه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو البدء بإصلاح القلوب أولاًَ.